الأحد، 19 يوليو 2009

الجاسم يطالب بإصلاح القضاء !؟


(( على الرغم من إيماني المطلق بمبدأ استقلال القضاء ووجوب ضمان إبعاده عن التأثر بأي عامل خارج نطاق ملف القضية المتداولة، وعلى الرغم من قناعتي بوجوب إظهار الاحترام الواجب للقضاة وتعزيز قناعة الرأي العام بنزاهتهم وفعالية النظام االقضائي، إلا أن هذا كله لا يعني أبدا أن نمتنع عن مناقشة أوضاع القضاء تحت أي حجة أو ذريعة.

وإذا كنا في الكويت نفخر دوما بقضاتنا وبنزاهتهم، فإن الواجب يحتم علينا أن نعمل على صيانة سمعة القضاء الكويتي وتنقيته من الشوائب التي قد تعلق به بين وقت وآخر. كما أن من حقنا أن نتداول في موضوع إصلاح وتطوير القضاء من أجل تكريس فاعليته من دون أن يعني هذا التداول إثارة الشبهات إلى القضاء.إن إصلاح وتطوير القضاء مسألة عامة تهم المجتمع ولا ينفرد بها مجلس القضاء أو القضاة، لذلك يجب ألا تنتاب القضاة الحساسية حين نتداول المسألة.

أقول هذا وأنا على علم بأن مسألة إصلاح وتطوير القضاء مسألة متداولة في أوساط القضاة أنفسهم، ولدى بعض القضاة أفكار جاهزة للتطوير وتحسين الأداء إلا أن هذه الأفكار لا تجد، مع الأسف، طريقها للمناقشة العامة بل قد لا تجد طريقها للمناقشة وسط السلك القضائي حيث توضع تلك الأفكار في الغالب في إطار التنافس بين القضاة على المناصب القيادية، أي يتم إسباغ البعد الشخصي على حساب البعد الموضوعي للأفكار، ومن هنا أظن أنه يلزم توفير بيئة صحية مناسبة تتيح للقضاة ولكل المتصلين بالقضاء طرح موضوع إصلاح وتطوير القضاء على طاولة النقاش بلا حساسية وبلا مبالغة في فكرة حماية سمعة القضاء. ))

الأحد، 12 يوليو 2009

انقلاب في هندوراس؟ هراء


عذرًا للعنوان المستفز ^ن^ فهو عنوان المقال المنشور، وللأمانة هو مقال جميل ومستفز أيضًا، لأنه يعرض صورة أخرى - قانونية - للوضع القائم في جمهورية هندوراس - أمريكا الوسطى - التي تخبرنا وسائل الإعلام بأن فيها انقلاب، فهل هو فعلاً انقلاب؟ أم أنه تطبيق حرفي وشجاع للدستور الهندوراسي؟ الأمر لكم بعد القراءة:

كنت أظنها جزيرة صغيرة!
__________

لا تصدّقوا خرافة الانقلاب، فالجيش في هندوراس تصرّف تماماً وفق ما يمليه الدستور، وكسب احترام الأمة بسبب ما قام به، وأنا فخور جداً بأبناء بلدي فقد قررنا في النهاية أن ننتفض وأن نصبح بلداً من القوانين وليس من الرجال.

يفضل العالم في بعض الأحيان الكذب على الحقيقة، فالبيت الأبيض، والأمم المتحدة، ومنظمة الدول الأميركية، ووسائل إعلامية كثيرة أدانت عزل رئيس هندوراس مانويل زيلايا في نهاية الأسبوع الماضي معتبرةً إياه انقلاباً. لكن ذلك هراء، فما حدث في هذه البلاد ما هو إلا انتصار لحكم القانون.





ما الذي حدث إذن في هندوراس الأحد الماضي وفقاً لدستورنا؟ اعتقل الجنود ونفوا مواطناً من هندوراس جرّد نفسه في اليوم السابق من الرئاسة. إليكم الوقائع: في 26 يونيو، أصدر الرئيس زيلايا مرسوماً يأمر فيه الموظفين الحكوميين كافة بالمشاركة في «استطلاع عام للرأي لعقد مجلس دستوري وطني». ساهم زيلايا بذلك في إصدار حكم دستوري عزله تلقائياً من منصبه. بنتيجة الأمر، التأمت المجالس الدستورية لصياغة دساتير جديدة. حين عمّم زيلايا المرسوم لإطلاق «استفتاء» حول احتمال عقد مجلس وطني، خالف المواد الدستورية غير القابلة للتعديل والتي تحظّر إعادة انتخاب رئيس وتمديد ولايته. فأفعاله أظهرت نواياه.

يُشار إلى أن دستورنا يتعامل مع مثل هذه النوايا بجدية. تنص المادة 239 على ما يلي: «لا يمكن لأي مواطن تبوّأ في السابق منصب رئيس الهيئة التنفيذية أن يكون رئيساً أو نائب رئيس، وكل من ينتهك هذا القانون أو يقترح إصلاحه (يضيف القانون هذه العبارة للتأكيد)، وكل من يدعم كذلك الأمر مثل هذا الانتهاك بشكل مباشر أو غير مباشر، سيُمنَع فوراً من أداء مهامه، ولن يتمكن من تبوؤ أي منصب رسمي لمدة عشر سنوات».

لاحظوا أن المادة تتحدث عن النية وتذكر أيضاً كلمة «تلقائياً»، أي «على الفور»، «من دون محاكمة»، «ومن دون توجيه تُهم». شكّل ميل رؤساء الدول إلى تمديد فترة حكمهم إلى ما لا نهاية قوام الإرث الاستبدادي في أميركا اللاتينية. قد يبدو الحكم الوارد في الدستور عن العقاب الفوري شديد القسوة، لكن كل ديمقراطي يعيش في أميركا اللاتينية يدرك الخطر الذي تشكّله هذه النزعة على أنظمتنا الديمقراطية الهشّة. ففي أميركا اللاتينية، غالباً ما كان رؤساء الدول فوق القانون، وقد نجح العقاب الفوري للقانون الأعلى في منع احتمال حدوث نزعة جديدة مماثلة في هندوراس. لذلك أمرت المحكمة العليا والنائب العام باعتقال زيلايا بسبب رفضه التقيّد بأوامر عدة صادرة عن المحكمة تلزمه باحترام الدستور. فاعتُقل وقيد إلى كوستاريكا، لأن الهيئة التشريعية كانت بحاجة إلى الوقت للالتئام وعزله من منصبه، ولما أمكن ذلك لو أُبقي في البلاد. وقد اتخذ هذا القرار الأعضاء البالغ عددهم 123 (من أصل 128) في الهيئة التشريعية الذين كانوا حاضرين في ذلك اليوم.

لا تصدّقوا خرافة الانقلاب، فالجيش في هندوراس تصرّف تماماً وفق ما يمليه الدستور، وكسب احترام الأمة بسبب ما قام به، أنا فخور جداً بأبناء بلدي. ففي النهاية، قررنا أن ننتفض وأن نصبح بلداً من القوانين وليس من الرجال. من الآن فصاعداً، لن يكون أحد هاهنا في هندوراس فوق القانون.


________________
* محام عمل بصفة مستشار رئاسي (2005-2002) ووزير ثقافة جمهورية هندوراس (2006-2005).