الأحد، 12 يوليو 2009

انقلاب في هندوراس؟ هراء


عذرًا للعنوان المستفز ^ن^ فهو عنوان المقال المنشور، وللأمانة هو مقال جميل ومستفز أيضًا، لأنه يعرض صورة أخرى - قانونية - للوضع القائم في جمهورية هندوراس - أمريكا الوسطى - التي تخبرنا وسائل الإعلام بأن فيها انقلاب، فهل هو فعلاً انقلاب؟ أم أنه تطبيق حرفي وشجاع للدستور الهندوراسي؟ الأمر لكم بعد القراءة:

كنت أظنها جزيرة صغيرة!
__________

لا تصدّقوا خرافة الانقلاب، فالجيش في هندوراس تصرّف تماماً وفق ما يمليه الدستور، وكسب احترام الأمة بسبب ما قام به، وأنا فخور جداً بأبناء بلدي فقد قررنا في النهاية أن ننتفض وأن نصبح بلداً من القوانين وليس من الرجال.

يفضل العالم في بعض الأحيان الكذب على الحقيقة، فالبيت الأبيض، والأمم المتحدة، ومنظمة الدول الأميركية، ووسائل إعلامية كثيرة أدانت عزل رئيس هندوراس مانويل زيلايا في نهاية الأسبوع الماضي معتبرةً إياه انقلاباً. لكن ذلك هراء، فما حدث في هذه البلاد ما هو إلا انتصار لحكم القانون.





ما الذي حدث إذن في هندوراس الأحد الماضي وفقاً لدستورنا؟ اعتقل الجنود ونفوا مواطناً من هندوراس جرّد نفسه في اليوم السابق من الرئاسة. إليكم الوقائع: في 26 يونيو، أصدر الرئيس زيلايا مرسوماً يأمر فيه الموظفين الحكوميين كافة بالمشاركة في «استطلاع عام للرأي لعقد مجلس دستوري وطني». ساهم زيلايا بذلك في إصدار حكم دستوري عزله تلقائياً من منصبه. بنتيجة الأمر، التأمت المجالس الدستورية لصياغة دساتير جديدة. حين عمّم زيلايا المرسوم لإطلاق «استفتاء» حول احتمال عقد مجلس وطني، خالف المواد الدستورية غير القابلة للتعديل والتي تحظّر إعادة انتخاب رئيس وتمديد ولايته. فأفعاله أظهرت نواياه.

يُشار إلى أن دستورنا يتعامل مع مثل هذه النوايا بجدية. تنص المادة 239 على ما يلي: «لا يمكن لأي مواطن تبوّأ في السابق منصب رئيس الهيئة التنفيذية أن يكون رئيساً أو نائب رئيس، وكل من ينتهك هذا القانون أو يقترح إصلاحه (يضيف القانون هذه العبارة للتأكيد)، وكل من يدعم كذلك الأمر مثل هذا الانتهاك بشكل مباشر أو غير مباشر، سيُمنَع فوراً من أداء مهامه، ولن يتمكن من تبوؤ أي منصب رسمي لمدة عشر سنوات».

لاحظوا أن المادة تتحدث عن النية وتذكر أيضاً كلمة «تلقائياً»، أي «على الفور»، «من دون محاكمة»، «ومن دون توجيه تُهم». شكّل ميل رؤساء الدول إلى تمديد فترة حكمهم إلى ما لا نهاية قوام الإرث الاستبدادي في أميركا اللاتينية. قد يبدو الحكم الوارد في الدستور عن العقاب الفوري شديد القسوة، لكن كل ديمقراطي يعيش في أميركا اللاتينية يدرك الخطر الذي تشكّله هذه النزعة على أنظمتنا الديمقراطية الهشّة. ففي أميركا اللاتينية، غالباً ما كان رؤساء الدول فوق القانون، وقد نجح العقاب الفوري للقانون الأعلى في منع احتمال حدوث نزعة جديدة مماثلة في هندوراس. لذلك أمرت المحكمة العليا والنائب العام باعتقال زيلايا بسبب رفضه التقيّد بأوامر عدة صادرة عن المحكمة تلزمه باحترام الدستور. فاعتُقل وقيد إلى كوستاريكا، لأن الهيئة التشريعية كانت بحاجة إلى الوقت للالتئام وعزله من منصبه، ولما أمكن ذلك لو أُبقي في البلاد. وقد اتخذ هذا القرار الأعضاء البالغ عددهم 123 (من أصل 128) في الهيئة التشريعية الذين كانوا حاضرين في ذلك اليوم.

لا تصدّقوا خرافة الانقلاب، فالجيش في هندوراس تصرّف تماماً وفق ما يمليه الدستور، وكسب احترام الأمة بسبب ما قام به، أنا فخور جداً بأبناء بلدي. ففي النهاية، قررنا أن ننتفض وأن نصبح بلداً من القوانين وليس من الرجال. من الآن فصاعداً، لن يكون أحد هاهنا في هندوراس فوق القانون.


________________
* محام عمل بصفة مستشار رئاسي (2005-2002) ووزير ثقافة جمهورية هندوراس (2006-2005).

هناك تعليقان (2):

@alhaidar يقول...

وهني يبين دور وسائل العلام اخوي العزيز ..


والوصف بالانقلاب وغيرهيعطينا نموذج آخر حول قلب الحق باطلا ..

شكرا على التوضيح وتبيان الوجه الآخرللموضوع ..

تحياتي ..

العدالة الكويتية يقول...

بالفعل أخي أحمد
هذا ما لفت نظري بالخبر

يبدو كلام كاتب المقال مقنعًا
خلاف الظاهر من تغطيات الإعلام

أطيب التمنيات للإعلاميين
الهادفين للحقيقة من أمثالك