الأحد، 1 نوفمبر 2009

يهودي أدان إسرائيل وأبيض انتصر للسود!


(( الشرق الأوسط/ رام الله: كفاح زبون - ربما لم يحرج يهودي، خلال نصف قرن، الدولة الإسرائيلية كما فعل القاضي ريتشارد غولدستون، بعدما اتهم إسرائيل، عقب تحقيقات أجراها في قطاع غزة على رأس فريق دولي، بأنها ارتكبت في حربها الأخيرة ضد القطاع، والتي استمرت من 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008 إلى 18 يناير (كانون الثاني) 2009، جرائم حرب، قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وهي حرب قتل فيها ما يقارب ألفا وأربعمائة فلسطيني معظمهم مدنيون.


ولأول مرة يفيق الإسرائيليون مذعورين من تقرير دولي، ويتوعدون ويهددون، بينما تجد قيادة السلطة نفسها في مواجهة شعبها، بعدما تورطت، وطلبت تأجيل النظر في التقرير في مجلس حقوق الإنسان.

وفجأة أصبح اسم غولدستون على كل لسان، بسبب تقريره الذي ملأ الدنيا وشغل الناس والإعلام والدول والفصائل والمؤسسات، وأخرج مظاهرات في عواصم عربية وغريبة. فمن هو القاضي ريتشارد غولدستون؟، الذي قال إن مهمته للتحقيق في جرائم حرب في قطاع غزة ارتكبتها إسرائيل وحركة حماس، هي أصعب مهمة قام بها خلال حياته المهنية الطويلة.

ريتشارد غولدستون، هو قاض ورجل قانون أبيض، من جنوب أفريقيا، وهو ذو أصل يهودي، من مواليد 26 أكتوبر (تشرين الأول) 1938. متزوج، وله بنتان وخمسة أحفاد، وهو من خريجي جامعة ويتووترسراند في جوهانسبرغ عام 1962، وتخرج منها حاملا بكالوريوس الحقوق مع مرتبة الشرف.

مارس مهنة المحاماة في بلاده، وعين عام 1976 مستشارا في المحكمة العليا، في فترة الفصل العنصري (الأبارتهايد) وقد قاد تحقيقا في قضايا العنف السياسي التي كانت وراء نظام الفصل العنصري، وبسبب مهنيته العالية، عينه نيلسون مانديلا قاضيا بالمحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا من 1994 حتى 2003، وهي الفترة التي تمت خلالها كتابة الدستور الجديد، وقد أنيطت به مهمة تفسير الدستور الجديد لجنوب أفريقيا، ومن ثم قاد لجنة تهدف لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في جنوب أفريقيا من الحكم الذي كان قائما على التمييز العنصري إلى الحكم الديمقراطي. إذ إنه أصدر أحكاما بوصفه قاضيا أضعفت إلى حد كبير قبضة حكم الفصل العنصري. وقال غولدستون عن تلك الحقبة، على الرغم من أنه رجل أبيض: «إن تجاهل المجتمع الأبيض لوجود الآخر، أوصله للاعتقاد بأنه مجتمع ديمقراطي».

أما خارج بلاده، فقد عمل من 1994 حتى 1996 مدعيا عاما رئيسيا في المحكمة الدولية التي كلفت بالتحقيق في جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة ورواندا. وكان عضوا في الفريق الدولي الذي أنشئ في أغسطس (آب) 1997 من قبل حكومة الأرجنتين لمراقبة التحقيق في النشاط النازي للجمهورية التي تأسست عام 1938. ومنذ عام 1999 حتى 2001 شغل منصب رئيس لجنة التحقيق الدولية في كوسوفو، ثم عينه الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان، في 2004 مشرفا على التحقيق في فساد مرتبط ببرنامج النفط مقابل الغذاء في العراق.
وفي 3 أبريل (نيسان) 2009، تم تعيين غولدستون، رئيسا للجنة الأممية لتقصي الحقائق في قطاع غزة، والتحقيق في الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي، من قبل إسرائيل وحماس، أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وآنذاك أعلن غولدستون أنه «شعر بالصدمة، كيهودي».

وقال غولدستون للصحافيين في جنيف، عقب تشكيل اللجنة: «سوف تراجع اللجنة كل الانتهاكات التي ارتكبت فيما يتعلق بحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية في إسرائيل وغزة والأراضي المحتلة». وأعطى مارتن اومويبهى، رئيس مجلس حقوق الإنسان، صلاحيات موسعة للجنة. وقال أومويبهي إن ذلك يكسب اللجنة «مصداقية لدى كل الأطراف، وسوف تكون لجنة مستقلة بحق، تضع لنا تقريرا يتسم بالنزاهة والموضوعية وعدم التحيز».

رفضت إسرائيل أن تتعاون مع لجنة غولدستون، على الرغم من يهوديته، وعلى الرغم من أن إحدى بناته عاشت لفترة طويلة في إسرائيل، وكان زارها عدة مرات كما قالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، فاضطر الرجل للدخول إلى غزة بعد التنسيق مع مصر، عبر معبر رفح. دخل غزة مرتين في الفترة ما بين 30 مايو (أيار) و6 يونيو (حزيران)، وفي الفترة ما بين 25 يونيو و1 يوليو (تموز) 2009؛ وبدأ على رأس لجنة محترفة يبحث ويسأل ويحقق ويدقق، وفي يومي 28 ـ 29 يونيو، عقد الرجل عدة جلسات استماع لضحايا هجمات القوات الإسرائيلية على القطاع، والتقى خبراء وسألهم حول التأثير النفسي والاجتماعي الذي خلفته الحرب على النساء والأطفال.

ويقول بعض الذين التقوا غولدستون في غزة، إنه هادئ إلى أبعد حد، لكنه أشبه بقناص، لا تفوته معلومة، لا يصدق كل شيء، لا يتجاوز الكلمات، ويبحث ويبحث ويبحث، وينتبه إلى ما يغفل عنه الآخرون. وقابل أبو حسنة غولدستون مرتين، وقال: «يثير انطباعا بأنك أمام شخصية مجربة» وتابع: «دقيق جدا، ويخوض في أدق التفاصيل، بل ينتبه إلى تفاصيل الأشياء التي لا تخطر على بال أحد». وحضر أبو حسنة جلسات عقدها غولدستون للضحايا والشهود في غزة، وقال: «كان يستجوب الشهود بطريقة مثيرة، كان محققا ومحاورا من طراز فريد، ولا يصدق أي شيء». وأضاف: «كان يحاور بذكاء شديد. يسأل كثيرا، وأحيانا يتأثر مما يسمع، لكنه كان حذرا من أن يسجل أي موقف على لسانه». وأوضح أبو حسنة: «مثلا؛ لم يبد أي تعاطف علني مع الضحايا، ورفض أن يعطي لأي وسيلة إعلامية أي مقابلة وهو في غزة على الرغم من الضغوط الهائلة».

ثارت ثائرة إسرائيل ووصفت التقرير بالمخزي، والمشوه، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن تقرير غولدستون «يشجع الإرهاب، ويعرض أمن إسرائيل للخطر، ولا يخدم السلام في المنطقة».

وخرجت ابنة غولدستون، نيكول لتقول، إن والدها خفف الاتهامات لإسرائيل التي تضمنها تقرير اللجنة. وأضافت نيكول، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «إنه لولا والدها لكان التقرير أشد وأخطر على إسرائيل التي شنت حربا على غزة بين ديسمبر ويناير الماضيين». وتابعت حديثها: «إن غولدستون أخذ على عاتقه المهمة من أجل العمل على تحقيق السلام، وقد تحدثت معه كثيرا قبل أن يقبل بمهمة تولي رئاسة لجنة تقصي الحقائق وبعدما تولاها».

وفي حال غياب تحقيق محلي يمكن الاعتماد عليه، يكون على المجتمع الدولي أن يلعب دوره، حيث إنه إذا تعذر تحقيق العدالة للضحايا المدنيين عبر الهيئات المحلية، فيجب على الحكومات الأجنبية أن تتصرف. وهناك كثير من الآليات التي يمكن من خلالها السعي لتحقيق العدالة الدولية، ومن بين هذه الآليات المحكمة الجنائية الدولية وحق النظر في دعاوى قضائية دولية من قبل دول أخرى ضد من ينتهكون معاهدات جنيف. ويعتمد ذلك على فكرة أن المقاتلين المتعسفين وقادتهم يمكن جلبهم للعدالة حتى لو كانت حكوماتهم وسلطاتهم الحاكمة غير مستعدة للقيام بذلك.

والسعي لتحقيق العدالة في هذه القضية شيء ضروري لأنه لا يجب أن تكون هناك دولة أو تنظيم مسلح فوق القانون. والعجز عن تحقيق العدالة على ضوء الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبت خلال الحرب سيكون له أثر مزعج على العدالة الدولية وسيعكس نفاقا غير مقبول، وتجب محاسبة من قاموا بالانتهاكات الخطيرة من أجل مئات المدنيين الذين قضوا من دون حاجة ومن أجل تطبيق العدالة الدولية بالتساوي. )).

هناك تعليقان (2):

Catism القطويّة يقول...

http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?tabid=227&article_id=548325

:)

العدالة الكويتية يقول...

شكرًا للتنوير
والحمد لله على التيسير