الاثنين، 7 ديسمبر 2009

خلها علنية يا رئيس الوزراء



(القبس) تطور النظام البرلماني انتهى الى تكريس مبدأ علانية أعمال السلطات في الدولة، وعلى وجه الخصوص الحكومة، ففي ظل هذا النظام يفيدنا الاستاذان الانكليزيان الكبيران Ivor Jennings وكذلك Patrick Mc Auslan بأن مبدأ الــ Open Government هو المرآة العاكسة لأعمال الحكومة تحت سمع ونظر الشعب صاحب السلطة والمخول في أن يفصل في الامور حينما يتم الاحتكام إليه في العملية الانتخابية، ومن ثم لا يجوز ان يتم حجب المسائل السياسية التي تثار بين الحكومة والبرلمان حتى لا يكون صاحب الحق مغيبا عن الحقيقة.

أقول هذه الحقيقة بعد ان اقام بعض المأجورين -وهم على فكرة قلائل- ما يشبه حائطاً للمبكى عند باب قاعة عبدالله السالم في مجلس الامة ينحب فيها ويذرف الدموع ان تكون ابواب هذه القاعة مفتوحة للشعب حتى يتابع ويعرف الحقيقة في موضوعات الاستجوابات كافة، اما من عبّر عن آرائه عن قناعة ودراية في الدعوة الى جعل جلسة الاستجواب لرئيس الوزراء خصوصا سرية، فأقول نحترم آراءكم ونقدر مبرراتكم، ولكن نختلف معكم، لأن السرية في المساءلة السياسية (اي الاستجواب) تحديداً تهدر مبدأ علانية اعمال الدولة، والحكومة تحديدا، وتتبخر في ثناياها رقابة الشعب وحقه في الاطلاع والعمل والحكم في ما بعد، وهذه المعاني سطرها آباؤنا المؤسسون في الوثيقة الدستورية وبالعبارات المضيئة التي تزخر بها المذكرة التفسيرية للدستور، فلهؤلاء مرة اخرى اقول اقرأوا المذكرة التفسيرية بتأن وعناية، واطلعوا على أصول النظام البرلماني الذي استهللت مقدمة هذا المقال بمرجعين من فطاحلة الفقهاء الدستوريين الانكليز.

وأتمنى على الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء ان يستمر في اظهار الندية التي اعلنها في استعداده لمواجهة الاستجواب وصعوده للمنصة باعلان آخر او حتى بمفاجأة اثناء الجلسة بقبوله المناقشة العلنية لاستجوابه، لأنه إن فعل ذلك اكد انه لا يوجد شيء لاخفائه عن الناس، بل وسيكسب مزيدا من النواب الى جانبه حينما يبين أنه متمسك بالدستور وانه اول رئيس وزراء يسجل سابقة صعود المنصة في جلسة علنية، مع حقه في بيان ذلك قبل صعود المنصة ورفضه للمساس الشخصي او الخروج على اصول المناقشة وآدابها، خصوصا ان موضوع الشيكات اصبح موضوعا متداولا بصورة واسعة بين فئات المجتمع، بل هو حديثهم اليومي في الديوانيات، حيث تطرح الاسماء.

ولكن، يقف الجميع حائراً أمام سؤال لا يستطيع أن يجيب عنه إلاّ رئيس الوزراء ألا وهو‍: ما مبررات دفع هذه الشيكات لنواب سابقين أو حاليين؟ فإذا كان الناس ربما تقبلوا المبررات التي ذكرت للشيك الذي أعطي للنائب د. وليد الطبطبائي، كونه للأعمال الخيرية، فان الناس على استعداد ايضاً لقبول مثل هذه التبريرات أو ما يماثلها، ولكن حجب هذه الحقيقة عنهم سيزيد في الشبهات وينشر الاشاعات والتفسيرات، فإن تم ذلك فأبشر بالاستمرار والدعم والاستقرار غير المسبوق. اللهم إني بلغت.


أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع dralmoqatei@almoqatei.net

ليست هناك تعليقات: